موقع الدعوة إلي الله // call to god موقع الدعوة إلي الله // call to god
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

نرحب بالأسئلة والآراء والإقتراحات

مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام

 مصعب بن عمير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إسلام مصعب بن عمير ، هجرته إلى الحبشة ، أول سفير في الإسلام وبعثة مصعب إلى المدينة معلمًا ، مصعب بن عمير يحمل الراية في غزوة أحد ، استشهاد مصعب رضى الله عنه.

محتويات المقال :

  1.  من هو مصعب بن عمير ؟
  2. ذكر مصعب بن عمير في الطبقات الكبرى لابن سعد.
  3. إسلام مصعب بن عمير
  4. خوف مصعب بن عمير من بطش قومه وأمه.
  5.  ما هو حال مصعب بن عمير بعد الإسلام ؟
  6.  كيف كان خلق مصعب بن عمير ؟ .
  7.  مصعب بن عمير أول سفير فى الإسلام .
  8.  إسلام الأوس والخزرج ونجاح مصعب رضى الله عنه.
  9.  قدوم مصعب مكة فى بيعة العقبة الثانية
  10.  لقاء مصعب بأمه بعد عودته من المدينة
  11.  عودة مصعب إلى المدينة مهاجرًا
  12.  ذكر حمل مصعب لواء المعركة فى أحد
  13.  استشهاد سفير الإسلام الأول رضى الله عنه 
  14.  حزن النبي صلى الله عليه وسلم على مصعب
  15.  وداعًا مصعب بن عمير شهيد الإسلام


مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام

 من هو مصعب بن عمير ؟ 
                 

هو صاحب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من فتيان قريش المُنَعَّمين ، ولد فى أسرة ثرية ، أوتى جمالا وشبابا ، وكان من أشهر شباب قريش منزلة ومكان .

يحكى كتاب السير أنه كان أعطر أهل مكة ، وأكثرهم نعمة ، فكانت ثيابه من مصر ، ونعاله الحضرمية من اليمن ،وكان عطره من بلد أخرى ، وكان أكثر شباب مكة جاها ، وأعلاهم نسبا ، وقبيلته أكثر القبائل عددا وثراءً . 

ولعله لم يكن فتى من فتيان مكة ، قد حظى بتدليل أبويه مثله ، هل يمكن أن يتحول مثله ، إلى نموذج من نماذج الإيمان الفذة ؟ ، أو صورة من صور الرجال الكبار ؟

ما أعجب الحديث عن هذا الصحابى ، عن مصعب بن عمير ، أو مصعب الخير كما كان لقبه بين أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، إنه واحد من أولئك الذين رباهم محمد عليه الصلاة والسلام ، وصهرهم الإسلام في بوتقته ، فصار مثلا وقدوة لكل الشباب والرجال .


ذكر مصعب بن عمير في الطبقات الكبرى لابن سعد.

قال : هو مصعب الخير من بنى عبد الدار بن قصى ، أمه خناس بنت مالك ، له من الأولاد ابنة يقال لها زينب ، وأمها حمنة بنت جحش.

قال : كان مصعب بن عمير فتى مكة شبابًا وجمالًا وسبيبًا ، وكان أبواه يحبانه ، وكانت أمه مليئة كثيرة المال ، تكسوه أحسن ما يكون من الثياب وأرقه ، وكان أعطر أهل مكة ، يلبس الحضرمى من النعال ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكره ويقول: "ما رأيت بمكة أحدًا أحسن لِمَةً ولا أرق حُلةً من مصعب بن عمير" .


إسلام مصعب بن عمير

إن قصة إسلام مصعب لدرسٌ لبني الإنسان جميعًا ، لقد سمع هذا الشاب النَّعمان ، عن الإسلام كما سمع أهل مكة ، ولكن هذا الخبر لم يقع منه ، مثلما وقع من غيره ، بل بدأ هذا الشاب يتطلع ، إلى لقاء محمد الأمين صلى الله عليه وسلم ، محمد النبى الكريم الذي يخبرهم أن الله أرسله بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرًا.

وحين كانت مكة كلها ، يشغلهم هذا الحديث ، ويتقلبون ليلًا ونهارًا ولا هم لهم ، إلا الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ودينه ، كان مصعب رضى الله عنه يخطط للقاء محمد صلى الله عليه وسلم ، ذلك أنه على الرغم من حداثة سنه ، كان أعقل الناس وأحرصهم على الخير.

لقد سمع أن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن آمن معه ، يجتمعون بعيدا عن أعين أهل مكة ، فى دار فى أصل جبل الصفا ، وهى دار ( الأرقم بن أبي الأرقم ) ، فلم يطل به التفكير ، بل سعى  إلى دار الأرقم ، وهناك كان رسول صلى الله عليه وسلم يلتقي بأصحابه فيتلوا عليهم القرآن الكريم ، ويعلمهم شرائع الإسلام ، ويصلي بهم الصلوات الخمس لله عز وجل.

ولم يكد مصعب يلتقى بالنبى عليه الصلاة والسلام ، ويستمع إلى آيات الله تعالى ، حتى وضع الإسلام جرانه ، في قلب سفير الإسلام الأول رضى الله عنه.

لقد بسط رسول الله  صلى الله عليه وسلم يمينه ، فبايع مصعبا رضى الله عنه على الإسلام ، وبذلك بدأت أهم مرحلة من حياته ، من سيرته وجهاده ، انتهت باستشهاده في غزوة أحد ، وسطرت خلالها نموذجًا فذًا ، لرجل عما قليل أصبح معلما، يستأمنه النبى صلى الله عليه وسلم على تعليم الأنصار ، وهو واثق أنه سيقدر على أن يغير وجهتهم، من الكفر إلى الإسلام، ويلين أفئدتهم بحب هذا الدين.

وقد ذكر بن سعد فى الطبقات الكبرى هذا الحديث فقال : ( فبلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام ، في دار الأرقم بن أبى الأرقم ، فدخل عليه فأسلم وصدق به ).

على أن مصعبًا رضى الله تعالى عنه كان يخشى شيئًا ما بعد إسلامه ، فما هو ؟.


خوف مصعب بن عمير من بطش قومه وأمه.

كانت أم مصعب واسمها خناس بنت مالك، كما أسلفنا تتمتع بشيىء من الشدة والبأس ، وكان رضى الله عنه يحاذر من أن تعرف خبر إسلامه، وكذا أبوه وقومه ، فبدأ يؤدى شعائر الإسلام متخفيًا عن الأنظار ، حتي رآه عثمان طلحة يصلى مع المسلمين ، فسارع بإخبار أمه وقومه، فحدث ما سيأتي الحديث عنه.

يحكى الواقدى فى كتاب محمد بن سعد ( الطبقات الكبرى ) فقال :

( وخرج فكتم إسلامه خوفًا من أمه وقومه ، فكان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرًا ، فبصر به عثمان بن طلحة يصلى فأخبر أمه وقومه ، فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسًا ، حتى خرج إلى أرض الحبشة فى الهجرة الأولى، ثم رجع مع المسلمين حين رجعوا، فرجع متغير الحال حَرِج -يعنى غَلُظَ- فكفت أمه عنه من العذل) .


ما هو حال مصعب بن عمير بعد الإسلام ؟
 

يحكى الواقدى فى الطبقات عن حاله ورثاثة ثيابه ما رواه في حديث عروة بن الزبير قال :

عن عروة بن الزبير قال : ( بينا أنا جالس يوما مع عمر بن عبد العزيز وهو يبنى المسجد فقال: أقبل مصعب بن عمير ذات يوم والنبى صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه عليه قطعة نَمِرَة قد وصلها بإهاب - يعنى جلد - قد ردَّنه ثم وصله إليها ، فلما رآه أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم نكسوا رؤوسهم رحمة له ، ليس عندهم ما يغيرون عنه ، فسلم فرد عليه النبى صلى الله عليه وسلم ، وأحسن عليه الثناء وقال : الحمد لله يقلب الدنيا بأهلها ، لقد رأيت هذا - يعنى مصعبا - وما بمكة فتًى من قريش أنعم عند أبويه نعيمًا منه ، ثم أخرجه من ذلك الرغبة فى الخير وحب الله ورسوله ) .

لقد ترك مصعبًا هذه النعمة الوارفة ، وهذا العيش الرغد ، رغبة فيما عند الله عز وجل ، وحبًا فى الإسلام ، وصحبة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وزهد في عرض الدنيا الزائل ، لا يبالى ما أكل أو شرب أو لبس.


كيف كان خلق مصعب بن عمير ؟ .
 

وذكر الواقدى أيضا عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال : ( كان مصعب بن عمير لى خِدنًا وصاحبًا ، منذ يوم أسلم إلى أن قتل رحمه الله بأُحُد ، خرج معنا إلى الهجرتين جميعًا بأرض الحبشة ، وكان رفيقي من بين القوم ، فلم أر رجلًا كان أحسن خلقًا ولا أقل خلافًا منه ) .

وهذا حديث للأخ الشيخ : نبيل العوضي بعنوان ( مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام ) :




مصعب بن عمير أول سفير فى الإسلام .

  

وعلى حين برهة من الدهر ، اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليكون سفيره إلى يثرب ، ليفقه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة ، وكان قد علم نبى الله عليه الصلاة والسلام أن مهاجره إلى يثرب ، ويحتاج الأمر إلى إعداد جيد لأهلها ، لأنهم سيكونوا أنصاره ، وسنده الذى به سيقيم دعائم هذا الدين ، إذن الأمر جد خطير ، ولكن لن يقدر النبى صلى الله عليه وسلم ، أن يكون هو من يعلمهم ، فمن يا ترى لهذا الأمر الجلل ؟ إنه مصعب بن عمير .

  • قال محمد بن عمر الواقدى فى الطبقات الكبرى عن غير واحد من الرواة : ( قالوا لما انصرف أهل العقبة الأولى الإثنا عشر ، وفشا الإسلام فى دور الأنصار ، أرسلت الأنصار رجلًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبت إليه كتابًا : ابعث إلينا رجلًا يفقهنا في الدين ويقرئنا القرءان ، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير ، فقدم فنزل علي أسعد بن زرارة ، وكان يأتى الأنصار فى دورهم وقبائلهم ، فيدعوهم إلى الإسلام فيسلم الرجل والرجلين ، حتى ظهر الإسلام وفشا في دور الأنصار كلها والعوالى إلا دورًا من أوس الله وهي خَطْمَة ووائل وواقف ).

  • وذكر ابن هشام في السيرة النبوية قال : ( عندما انصرف القوم من لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فى بيعة العقبة الأولى سألوه أن يرسل معهم من يعلمهم شرائع الإسلام ، ويفقههم فى الدين ويقرؤهم القرءان ، فاختار النبى صلى الله عليه وسلم مصعبًا رضى الله عنه ، فكان مصعب يسمى المقرئ بالمدينة ، وكان منزله على أسعد بن زرارة ) .

لقد ذهب إليها مصعبا يوم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس بها سوى بضعة عشر رجلًا قد أسلموا ، وهم الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم فى بيعة العقبة الأولى ، ولكنه لم يكد يقيم بينهم داعيًا عدة أشهر ، حتى أسلم أكثر أهل يثرب لله ولرسوله .


إسلام الأوس والخزرج ونجاح مصعب رضى الله عنه.

  

وحمل مصعب رضى الله عنه أمانة الدعوة ، مستعينا بالله عز وجل ، واثقًا بعظمة هذا الدين ، وعلو شأنه ، مستعينًا بما حباه الله تعالى ، من كريم الخلق واللين ورجاحة العقل ، لقد غزا أهل يثرب ، وانتصر على مكامن الشرك والكفر العتيدة فى قلوبهم ، وحمل عليهم حملة متأنية ، يؤيدها الصبر والثبات ، والثقة بوعد الله تعالى ، كما تعلمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبزهده وإخلاصه ، استطاع أن يملأ قلوبهم بشري بهذا الدين وبالكتاب الكريم ، فدخلوا في دين الله أفواجا .

ذكر ابن اسحق فى السيرة النبوية لابن هشام قال : ( خرج أسعد بن زرارة بمصعب بن عمير ، يريد به دار بنى عبد الأشهل ، فدخل به حائطًا يعنى - بستانا - لبنى الخزرج ، على بئر يقال لها (بئر مرق) ، واجتمع إليهما رجال ممن أسلموا ، وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا قومهما من بنى عبد الأشهل ، وهما يومئذ مشركَيْن على دين قومهما.

 فلما سمعا بهما قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير ، لا أبًا لك ، انطلق إلى هذين الرجلين ، اللذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفائنا ، فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا ، فإنه لولا أسعد بن زرارة من حيث قد علمت كفيتك ذلك ، وهو ابن خالتى ولا أجد عليه مَقْدِمًا ، قال: فأخذ أسيد بن حضير حربته ، ثم أقبل إليهما فلما رآه أسعد بن زرارة ، قال لمصعب بن عمير ، هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه ، قال مصعب إن يجلس أكلمه .

قال : فوقف عليهما متشتمًا ، فقال ما جاء بكما إلينا ، إعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة ، فقال له مصعب أوتجلس فتسمع ، فإن رضيت أمرًا قبلته ، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره ؟ ، قال: أنصفت ثم ركز حربته وجلس إليهما ، فكلمه مصعب عن الإسلام وقرأ عليه القرءان ، فماذا فعل.

قال : فيما يذكر عنهما - مصعب وبن زرارة - فوالله لعرفنا فى وجهه الإسلام ، قبل أن يتكلم فى إشراقه وتسهله ، ثم قال ما أحسن هذا الكلام وأجمله ، كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا فى هذا الدين ، قالا له تغتسل وتَطَّهَر وتُطَهِر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلى ، فقام فاغتسل وطهر ثوبيه ، وتشهد شهادة الحق ، ثم قام فركع ركعتين ، ثم قال لهما : إن ورائي رجلا ، إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه ، وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ !

ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه ، وهم جلوس فى ناديهم ، فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلًا ، قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد ، بغير الوجه الذى ذهب به من عندكم ، فلما وقف على النادى ، قال له سعد : ما فعلت ؟ قال : كلمت الرجلين ، فوالله ما رأيت بهما بأسًا ، وقد نهيتهما فقالا : نفعل ما أحببت ، وقد حدثت أن بنى حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه ، وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ، ليخفروك - يعنى ينقضوا عهدك - 

قال : فقام سعد مغضبًا مبادرًا ، تخوفًا الذى ذكر له من بنى حارثة ، فأخذ الحربة من يده ، ثم قال : والله ما أراك أغنيت شيئًا ، ثم خرج إليهما ، فلما رآهما سعد مطمئنين ، عرف أنه إنما أراد أسيدًا منه أن يسمع منهما ، فوقف عليهما متشتمًا ثم قال لأسعد بن زرارة ، يا أبا أمامة : أما والله لولا ما بينى وبينك من القرابة ، ما رمت هذا منى ، أتغشانا فى دارينا بما نكره - وكان أسعد بن زرارة قد قال لمصعب بن عمير ، أى مصعب : جاءك والله سيد من وراءه قومه ، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم أحد -.

قال : فقال له مصعب ، أوتقعد فتسمع فإن رضيت أمرًا ورغبت فيه قبلته ، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره ؟ ، فقال سعد أنصفت ، ثم ركز الحربة وجلس ، فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرءان ، قالا : فعرفنا والله الإسلام فى وجهه قبل أن يتكلم ، لإشراقه وتسهله ، ثم قال لهما : كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم فى الدين ، قالا : تغتسل وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلى ركعتين ، فقام فاغتسل وطهر ثوبيه ، وتشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين ، ثم أخذ حربته فأقبل عامدًا إلى نادى قومه ومعه أسيد بن حضير .

فلما رآه قومه مقبلًا ، قالوا : نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد ، بغير الوجه الذى ذهب به من عندكم ، فلما وقف عليهم قال : يا بنى عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم ؟ ، قالوا : سيدنا وأفضلنا رأيًا وأيمننا نقيبة ، قال : فإن كلام رجالكم ونسائكم على حرام ، حتى تؤمنوا بالله ورسوله.

قالوا : فوالله ما أمسى في دار بنى عبد الأشهل ، رجل ولا امرأة إلا مسلمًا ومسلمة ، ورجع أسعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة ، فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام ، حتى لم تبق دار من دور الأنصار ، إلا وفيها رجال ونساء مسلمون ، إلا ما كان من دار بنى أمية بن زيد ، وخطمة ، ووائل ، وواقف ، وتلك أوس الله وهم من الأوس - بني حارثة - ، وذلك أنه كان فيهم أبو قيس بن الأسلت - وهو صيفي - وكان شاعرًا ، وقائدًا لهم يستمعون منه ويطيعونه ، فوقف بهم عن الإسلام ، فلم يزل على ذلك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، ومضى بدر وأحد والخندق ) .


قدوم مصعب مكة فى بيعة العقبة الثانية

ثم إن مصعبًا رجع إلى مكة ، مع الوفود التي أقبلت ، للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في موسم الحج ، وهذا الموسم الذى حدثت به بيعة العقبة الثانية ، حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج ، ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان ، وهما نسيبة بنت كعب ، وأسماء بنت عمرو أم منيع ، فذهب سيدنا مصعب رضى الله عنه إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفور ، ليبشره بنبأ إسلام الأوس والخزرج ، ونجاح الدعوة إلى الله تعالى .

يحكى بن سعد فى الطبقات الكبرى ( أن مصعب بن عمير خرج مع الأنصار ، الذين وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيعة العقبة الثانية ، من حاجِّ الأوس والخزرج ، ورافق أسعد بن زرارة فى سفره ذلك ، فقدم مكة ، فجاء منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا ، ولم يقرب منزله ، فجعل يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأنصار ، وسرعتهم إلى الإسلام ، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل ما أخبره ).


لقاء مصعب بأمه بعد عودته من المدينة

قال بن سعد : ( وبلغ أمه أنه قد قدم ، فأرسلت إليه وقالت له : يا عاق أتقدم بلدًا أنا فيه لا تبدأ بي ؟ ، فقال : ما كنت لأبدأ بأحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إنك لعلى ما أنت عليه من الصبأة بعد ! فقال : أنا على دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام ، الذي رضى الله لنفسه ولرسوله ، قالت : ما شكرت ما رَثَيْتُك به مرة بأرض الحبشة ومرة بيثرب .

فقال : أَقَرُّ بدينى أن تفتنونى ، فأرادت حبسه فقال : لئن أنت حبستنى ، لأحرصن على قتل من يتعرض لى ، قالت : فاذهب لشأنك ، وجعلت تبكى ، فقال مصعب : يا أمه إنى لك ناصح وعليك شفيق ، فاشهدى أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ، فقالت : والثواقب لا أدخل فى دينك ، فيزرى برأيى ويضَعَّفُ عقلى ، ولكنى أدعك وما أنت عليه ، وأقيم على دينى ) .


عودة مصعب إلى المدينة مهاجرًا

قال ابن سعد : ( وأقام مصعب بن عمير مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، بقية ذى الحجة والمحرم وصفر ، وقدم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرًا ، لهلال شهر ربيع الأول قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم باثنتى عشرة ليلة ).


ذكر حمل مصعب لواء المعركة فى أحد

وتمضي الأيام ، ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته إلى يثرب ، ولكن قلوب صناديد قريش تمتلئ بأحقادها ، فما زالت تؤذى المؤمنين ، الذين يسلمون كل يوم ، وتغتصب أموالهم ، وتتمادى فى غيها ، فينزل الله تعالى : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ) الحج ٣٩ .

وتقوم غزوة بدر ، فينالهم الخزى والعار بما حاربوا الله ورسوله وحادوه ، وينتصر جند الله تعالى فيها ، ويلقن كفار قريش درسًا قاسيًا ، ويسعون إلى الثأر من المؤمنين ، و تجيء جحافلهم إلى المدينة لغزوها ، فتكون غزوة أحد ، ويعبئ المسلمون أنفسهم ، ويقف الرسول صلى الله عليه وسلم يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ، يتفرس وجوه الصحابة ، فيقع اختياره على مصعب بن عمير ليحمل اللواء .

وتنشب المعركة بين الحق والباطل ، ويحتدم القتال ، حتى إذا انهزمت جموع الكفر ، يخالف الرماة أمر الرسول عليه الصلاة والسلام ، ويتركون مواقعهم في أعلى الجبل ، لجمع الغنائم بعد أن رأوا المشركين يولون الدبر ، لكن سرعان ما يتحول نصر المسلمين ، ويفاجأ المسلمون بفرسان قريش ، بقيادة خالد بن الوليد تغشاهم من خلف الجبل ، وتعمل فيهم القتل على حين غرة ، هنا ينفرط عقد التخطيط النبوى ، ويتخبط المؤمنون ، وتبدأ الزلزلة الكبرى .

قال بن سعد : ( كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعظم لواء المهاجرين الأعظم يوم بدر مع مصعب بن عمير ) .


استشهاد سفير الإسلام الأول رضى الله عنه
 

وقال : ( قال محمد بن شرحبيل العبدري : حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد ، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب ، فأقبل بن قمئة وهو فارس ، فضرب يده اليمنى فقطعها ، ومصعب يقول : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) وأخذ اللواء بيده اليسرى ، فضرب يده اليسرى فقطعها ، فجثا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره ، وهو يقول : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) ثم حمل عليه بن قمئة الثالثة بالرمح فأنفذه واندق الرمح ووقع مصعب وسقط اللواء وابتدره رجلان من بنى عبد الدار سويبط بن سعد بن حرملة وأبو الروم بن عمير فأخذه أخو مصعب أبو الروم بن عمير فلم يزل فى يده حتى دخل به المدينة حين انصرف المسلمون ).

ويروى ( أن الذى حمل اللواء بعد قتل مصعب رضى الله عنه ملك على صورته ) .

ويذكر بن سعد عن محمد بن إبراهيم العبدري ( أن هذه الآية ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) لم تكن نزلت يومئذ وإنما نزلت بعد ذلك ).

وعقب انتهاء المعركة المريرة ، وجد مصعب رضى الله عنه ، شهيد الإسلام الفذ راقدا منجعفًا ، وقد أعفى التراب وجهه الكريم ، وكأنه ساجد على حبات الثرى ، مضمخًا بدمائه الزكية .

ومع الشيخ كشك يتحدث عن ( شهيد أحد البطل مصعب بن عمير )

 

حزن النبي صلى الله عليه وسلم على مصعب

ويذكر بن سعد عن عبيد بن عمير ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على مصعب بن عمير وهو منجعف على وجهه فقرأ هذه الآية ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) ثم قال : ( إن رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة ) ثم أقبل على الناس فقال : ( أيها الناس زوروهم وأتوهم وسلموا عليهم فوالذى نفسى بيده لا يسلم عليهم مسلم إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه السلام ).

وعلى الرغم من الحزن العميق لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحزنه على أسد الشهداء حمزة ، وتمثيل المشركين بجثمانه ، مما أوجع قلبه ، إلا أنه صلى الله عليه وسلم حزن على مصعب بن عمير حزنا شديدًا .

وعلى الرغم من امتلاء أرض المعركة بجثث الصحابة الكرام رضى الله عنهم ، وقف على جثمان مصعب الخير ، يودعه وينعاه .


وداعًا مصعب بن عمير شهيد الإسلام

ذكر بن سعد أيضا عن خباب بن الأرت قال : ( هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سبيل الله نبتغى وجه الله فوجب أجرنا على الله فمنا من مضى ولم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يوجد له شيىء يكفن فيه إلا نمرة قال : فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اجعلوها مما يلى رأسه واجعلنا على رجليه من الإذخر ) ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها ).

وقال بن سعد عن محمد بن إبراهيم العبدري : ( كان مصعب بن عمير رقيق البشرة حسن اللمة ليس بالقصير ولا بالطويل قتل يوم أحد على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من الهجرة وهو ابن أربعين سنة أو يزيد شيئا فوقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى بردة مقتول فقال : ( لقد رأيتك بمكة وما بها أحد أرق حلة ولا أحسن لمة منك ثم أنت شعث الرأس فى بردة ثم أمر به يقبر فنزل فى قبره أخوه أبو الروم بن عمير وعامر بن ربيعة وسويبط بن سعد بن حرملة ) .

سلام على مصعب بن عمير رضى الله عنه فى الغابرين !

 

اقرأ أيضا :

عن الكاتب

الدعوة إلى الله

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع الدعوة إلي الله // call to god